Nahar publishes Mallat article in Guardian on Ahmad Chalabi
المصدر: عن"الغارديان"
24 تشرين الثاني 2015
أثار نائب رئيس الوزراء الراحل الكثير من المشاعر حول شخصه، وقد خالفته الرأي في موضوع الاجتياح، لكن كان لا بد من وضع حد للنظام الديكتاتوري في العراق.
إذا أردنا تسمية قيادي عراقي مسؤول عن إنهاء ديكتاتورية صدام حسين التي استمرت أربعين عاماً، وحده نائب رئيس الوزراء أحمد الجلبي يتأهّل لهذا التوصيف. سوف يسلّم الأصدقاء والأعداء على السواء بهذا الأمر. لكن أبعد من ذلك، يشتعل السجال حوله. لم يسبق أن التقيت شخصاً يؤجّج هذا القدر من المشاعر في واشنطن أو لندن أو بيروت أو بغداد.
يحتل الجلبي مكانة خاصة لدى من عارضوا الديكتاتورية. وقد شكّل موته المفاجئ صدمة كبيرة. يؤسفني أن السجال حول أسلحة الدمار الشامل ونزاهة الجلبي المالية تسبّبا بتشويه صورته. فقد رأيته يتعامل مع العديد من المنظمات على مر السنين - "اللجنة الدولية من أجل عراق حر"؛ و"صندوق العراق الائتماني" الذي أنشئ بهدف توزيع عائدات الصادرات النفطية بالتساوي على العراقيين؛ ومنظمة "إنديكت" التي أنشئت لمحاكمة صدام حسين وسواه. كانت هناك خلافات صحية في المشاريع الثلاثة، لكن الجلبي لم يحد قيد أنملة عن الأصول الصحيحة في تعاملاته.
أما في ما يتعلق بأسلحة الدمار الشامل، فتعود ذكرياتي في هذا المجال إلى منتصف التسعينات. كان الجلبي على علاقة جيدة بـ"معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى" المتخصص بالأبحاث والدراسات. وقد ركّز في محاضرة طويلة ألقاها في المعهد، على الخطر الذي يشكّله العراق البعثي على الأمن الإقليمي والدولي، متحدّثاً بلغة التلميح إلى امتلاك العراق أسلحة دمار شامل. لم أعترض على هذا الكلام؛ فقد كانت حلبجة مسرحاً لأول هجوم بالغاز تشنّه حكومة عن سابق تصوّر وتصميم منذ الحرب العالمية الأولى. وكان هذا سبباً وجيهاً للمطالبة بالمحاسبة عن هذه الجريمة، كما أنه كان كافياً لتوجيه الاتهام إلى القيادة العراقية وتنحيتها من السلطة. كان الاستخدام المحتمل لأسلحة الدمار الشامل أكثر تعقيداً على المستوى الأخلاقي، لا سيما وأن إسرائيل كانت قد أقدمت على تصنيع أسلحة نووية في الشرق الأوسط. قلت محاججاً إن السبب وراء تحرّكنا ضد النظام الديكتاتوري هو ما ارتكبه في السابق أكثر منه مما قد يرتكبه في المستقبل. أتذكّر جيداً رد الجلبي: "هذا ما يريدون سماعه".
في صيف 2002، كان واضحاً أننا مقبلون على الحرب. استمرّ الخلاف في الرأي بيني وبين الجلبي وسواه إلى حين انعقاد اجتماع مع بول وولفوفيتز، قبل أسبوعَين من الاجتياح. كنت أطالب بصدور قرار عن مجلس الأمن بالاستناد إلى سجل النظام الديكتاتوري العراقي في مجال حقوق الإنسان والحاجة إلى تنحيته، فضلاً عن خطة يضعها مجلس الأمن لترويج الديموقراطية من طريق نشر مراقبين لحقوق الإنسان. وقد أبدى وولفوفيتز دعمه للفكرة، لكن الطريق نحو الحرب كان قد رُسِم. وقد قال وولفوفيتز إن أسلحة الدمار الشامل هي المسألة الوحيدة التي استطاعوا الالتقاء حولها داخل الإدارة الأميركية.
اعتبر الجلبي أنني أجازف بتفويت فرصة التخلص نهائياً من صدام حسين. إذاً نعم، صحيح أنه جرى تسويق الحجة القائلة بوجود أسلحة دمار شامل تماماً كما جرى تسويق الحجج المؤيدة للاجتياح، لكن كان ذلك محتوماً نظراً إلى سيطرة السياسة الواقعية في واشنطن. أما السؤال إذا كانت معلومات الجلبي الاستخبارية مغلوطة فكان أمراً ثانوياً. فقد كان هذا السياسي الجيّد يسعى إلى توجيه جمهوره نحو تقديم دعم فاعل، وهذا ما أرادوا سماعه.
إلى من ينتقدون حرب العراق، تذكّروا أن تغيير النظام أُدرِج في إطار قانون في الولايات المتحدة، أقرّه الكونغرس بأكثرية ساحقة تحت اسم "قانون تحرير العراق"، ووقّعه الرئيس بيل كلينتون عام 1998. وقد شكّل هدفاً بارزاً من أهداف السياسة الخارجية لبرنامج الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية عام 2000.
السؤالان اللذان يجب أن يُطرحا حول حرب العراق هما: بغض النظر عما إذا كان صدام حسين لا يزال يمتلك حينها أسلحة دمار شامل، هل كان من الصواب تنحية الديكتاتور الأسوأ على وجه الأرض منذ الحرب العالمية الثانية؟ وإذا كان الجواب نعم، ما السبيل إلى ذلك؟ رداً على السؤال الأول، ضميري مرتاح. نعم، كان ذلك صائباً، وكان يجب أن يشكّل أولوية قصوى. الديكتاتورية جريمة ضد الإنسانية. أما في ما يتعلق بالسؤال عن السبيل إلى تنحيته، فالجواب متروك للقرن الحادي والعشرين. ربما كان الجلبي على خطأ في تعاطيه مع هذه المسألة، لكنه لم يكن وحيداً في ذلك.
مستشار سابق للجنة صوغ الدستور العراقي
ترجمة نسرين ناضر