الهاوية الانتخابية: في المبدأ الدستوري

موقف الرئيس عون صحيح وقد يصبح مخطئاً

شبلي ملاّط، سعود المولى، أنطوان قربان*

 

النهار، 20 نيسان 2017

(PDF version) لبنان مرة أخرى على حافة الهاوية. كما كان متوقعاً من أداء السياسيين المزمن، حلّت الهاوية الثالثة من المأزق الدستوري بجمهوريتنا. جاءت الهاوية الأولى في الفراغ الرئاسي الذي استمر أكثر من عامين، تبعها مأزق تشكيل حكومة استغرق شهرين رغم دفع انطلاقة العهد الجديد. للمرة الثالثة نحن غير قادرين على المضي قدماً في الانتخابات البرلمانية المرسومة دستورياً.

للخروج من المأزق، لا بدّ مجدداً من العودة إلى الدستور لتحديد الموقف الصحيح.

المبدأ الأول راسخ في أهمية الانتخابات الدورية في الجمهورية. كانت سابقة التمديد الذاتي غير دستورية، ومن المؤسف أن صادق عليها المجلس الدستوري. الدستور لا يسمح بتأجيل الانتخابات.

المبدأ الثاني أنه ليس هناك من فراغ دستوري في ظل غياب قانون جديد. يتمّ تطبيق القانون النافذ مهما كانت عيوبه. إذا فشل أعضاء المجلس في الاتفاق على قانون جديد بإجماع الكتل الرئيسية، يبقى القانون الحالي هو النافذ. وإذا كان إجماع الكتل الرئيسية غير عملي، لا شيء يمنع النواب من التصويت على قانون جديد بالأغلبية. فإذا نجحوا في إقراره، يطبّق القانون الجديد. أمّا إذا فشلوا، فالقانون الحالي نافذ. المسألة ليست معقدة، ولا حاجة للتمديد كما لا عبرة للفراغ، فالدستور جليّ واضح دارئٌ للتعطيل في ثبات هذين المبدأين. بعبارة غسان تويني المأثورة، مفهوم؟

لا يعجبني قانون عام 1960 ، فهو قانون طائفي صرف، لكن أي تعديل عليه في المشاريع القائمة لن يتخطى هيكله المأزوم بطبيعته. ومن يؤكّد تفوّق قانون انتخابي آخر عليه لن ينقذنا من  الضلال ، سواء في النسبية أو في تصويت داخل الطوائف مقرونٍ بنفحة من النظام الأغلبي  - يطلق عليه مؤخراً نعت "التأهيل" للتبسيط، وقد تكون "الانغلاق" أدقّ تعبيراً له.

من يقدّم هذين الطرحين قد يكون حسن النية، إنما الإصلاحات التي يقترحها على القانون الحالي تتجاهل ثلاث معضلات لا يمكنه تخطّيها: لا يحدّ النسبي من القيد الطائفي ، والتأهيلي يزيده طائفية. الاقتراح النسبي يضاعف شرذمة الأصوات كما يزيد التأهيلي من التفاوت والتمييز في التمثيل النيابي. المشكلة الثانية هي بنية الأحزاب والفصائل السياسية في لبنان. في غياب أحزاب عاملة على المستوى الوطني، تبقى النسبية فارغة المعنى. أما بالنسبة لاقتراح الانتخابات داخل الطائفة في منطق التأهيلي، وحتى لو كان مثل هكذا نصّ ممكناً أصلاً في القانون (وعلى حدّ علمي لا مَثَل في أي بلد في العالم يحتذى به)، نجد القيود الطائفية مضاعفةً بالفعل في نتائجه. المشكلة الثالثة تتعلق بالوقت: قانون انتخابي جديد هو دائماً عملية حساسة ودقيقة، في إنتاجها كما في مفاعيلها. إبتكار قانون انتخابي على عجل يحتّم أخطاء جسيمة في صياغته. إستغرقت لجنة المرحوم فؤاد بطرس أشهراً للتوصل الى مشروعها، وحتى لو أقرّ اليوم، من شأنه أن يسبب نزاعات لا نهاية لها في تطبيقه. مستحيل ألا يتناحر المرشحون والناخبون على السواء في تفسير قانون يُقَرّ على وجه السرعة، فيعلو صراخ التأويل عند كل منعطف لغوي من بنوده.

خلاصة القول إنّ الموقف المبدئي لرئاسة الجمهورية هو الصحيح، وموقف النواب الذين ينادون بالتمديد غير دستوري . لا يمكن للبرلمان تجديد ذاته بالتمديد. على الانتخابات أن تجري في الميعاد الدستوري المحدّد لها بنهاية ولاية المجلس في 20 حزيران.

لكنّ موقف رئيس الجمهورية  مخطئ في جمود الحياة الدستورية حالَ عدم إقرار قانون انتخابي جديد.  وإذا كانت التقارير الصحفية في مطلع الاسبوع موثوقة ، فموقف البطريرك الماروني ورئيس مجلس النواب هي الأصحّ. قانوننا الانتخابي نافذ ولا بدّ من تطبيقه.

 وللرجوع عن شفير الهاوية علينا كمواطنين أن نضغط على السياسيين وأهل النفوذ، في هذه الحالة مع رئاسة الجمهورية ضد التمديد ، ومع البطريركية المارونية ورئاسة مجلس النواب لتطبيق القانون الحالي وإجراء الإنتخابات على أساسه  حال تعذر اقرار قانون جديد مع حلول المهل الدستورية الصارمة. وقد ينبغي النظر أيضاً في سبل الضغط السلمي عبر الخروج الى الشارع بقوّة الدستور لخلاص البلاد من مأزق تناحر سياسييها .

*مؤسسو مجموعة "لبنان الانسان"

 

 

 

 

 

 

Year: